الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعـد
من أشراط الساعة خروج المهدي، فالمهدي هوعبارة عن حلقة الوصل بين علامات الساعة الصغرى والكبرى، حيث يعاصر t ويعايش ثلاث علامات من علامات الساعة الكبرى على الأرجح، وهي: خروج الدجال - لعنه الله -، ونزول عيسى - عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام-، وخروج يأجوج ومأجوج - لعنهم الله - وهم من كل حدب ينسلون ! !!!
قبل الشروع بالحديث عن المهدي نُذَكِّر بالحديث الذي حدَّث به رسول الله r مخبراً عن الأحقاب الزمنية التي ستعاصرها هذه الأمة وكل حقبة من سيحكمها، وبشارته عليه الصلاة والسلام بالخلافة الإسلامية في آخر تلك الأحقاب، فقال عليه الصلاة والسلام: {تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا عاضا، فيكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم يكون ملكا جبريا، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت} [1].
ومن العلامات الدالة على قرب خروج المهدي، بل هي أكثر دلالة وتأكيدا، هي ما أخبر عنها النبي r في حديثه: {لتملأن الأرض جورا وظلما، فإذا ملئت جورا وظلما، بعث الله رجلا مني، اسمه اسمي، فيملؤها قسطا وعدلا، كما ملئت جورا وظلما}[2].
فإذن المهدي t يخرج في وقت عمًّ الفساد والظلم والجور أنحاء المعمورة فيأذن الله سبحانه وتعالى بخروج المهدي tليملأها قسطاً وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
وهناك أيضاً علامتان تحدث قبل خروج المهدي، العلامة الأولى تحرير فلسطين وتهيئتها كي تكون أرض الخلافة القادمة بمشيئة الله تعالى، وهذا يكون قبل المهدي وليس كما يظن البعض أن الذي سيحرر فلسطين هوالمهدي، وقد ذكرنا ذلك في رسالة لنا أسميناها نهاية دولة اليهود على ضوء الكتاب والسنة فراجعها على موقعنا في الانترنيت www almojahed. info - - ولا بد أن نتناول الحديث عن بعض فقراتها في هذه الحلقة إن شاء الله تعالى.
العلامة الثانية وهي: انتهاء كل تطور تقني طرأ على الأرض من أقمار صناعية إلى مركبات فضاء إلى طائرات وسفن بحرية والأسلحة والحاسوب وغير ذلك، وستفتقر الأرض إلى هذا كله وستعود إلى سابق عهدها قبل تطورها،- البعض يقول إن هذا ظني الدلالة لا قطعي، أقول إن كان عند البعض ظني إلا أنه عند ي قطعي للأدلة التي سأوردها إن شاء الله تعالى في حينها.
من هوالمهدي وما هي صفته وما هي العلامة المؤكدة والمميزة لظهوره؟
ما هي الحروب والملاحم والفتن الذي سيقود فيها المهدي جيوش المسلمين في الأيام الأخيرة بين يدي الساعة…… الخ؟؟؟؟؟.
المهدي رجل من المسلمين من آل بيت النبي r من ولد الحسن بن علي بن فاطمة بنت رسول الله r، واسم المهدي كاسم النبي r، واسم أبيه كاسم أب النبيr
والأرض تنتظر ظهور المهدي في وقت سيقدره الله سبحانه وتعالى، إذ لا يعلم وقت ظهور المهدي ملك مقرب ولا نبي مرسل، فهومن الأمور الغيبية التي اختص الله سبحانه وتعالى نفسه بعلمها؛ ويخرج المهدي في آخر الزمان يؤيد الله به الدين ويمكث سبع سنين أوثماني أوتسعا وعلم ذلك عند علاَّم الغيوب، فيملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا، وتنعم الأمة خلال عهده نعمة لم تنعم بها قط، بعد أن تكون ذاقت شتى أنواع الابتلاء من جوع وخوف وقتل وغير ذلك، فتخرج الأرض في عهده نباتها، وتمطر السماء قطرها، ويعطي المال بغير عدد – نسأل الله أن يعجل بخلافته.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى(النهاية في الفتن والملاحم 1/18): (وفي زمانه – أي المهدي - تكون الثمار كثيرة والزروع غزيرة والمال وافراً والسلطان قاهراً والدين قائماً والعدوراغماً والخير في أيامه دائماً)، ووصف النبي عليه الصلاة والسلام المهدي وصفا دقيقا، كما وصف عيسى # وكما وصف الدجال عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وصف النبي r المهدي بأنه أجلى الجبهة – أي واسع الجبهة ــ، وقال r أنه أقنى الأنف، وهوالأنف الذي له أرنبة دقيقة وله حدة في الوسط أودقة في الوسط، وهذا وصف يدل على جمال الخلقة وحسن الصورة والمنظر، فقد جاء عن أبي سعيد الخدري أن النبي rقال: {المهدي مني أجلى الجبهة (الجلي هوانحسار الشعر عن مقدم الرأس)، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت جورا وظلما، ويملك سبع سنين}. [3]
يصلحه الله في ليلة كما جاء عن النبيr قال: {المهدي منا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة[4]{.
وقد وقف أهل العلم عند قوله r: {يصلحه الله}، فقالوا: - يصلحه الله أي يطهره الله من كل ذنب.
والقول الثاني: أي يهيئه الله عز وجل ويعده للخلافة، - كما يقول أحدكم لخادمه أولأهله أصلحوا لنا المكان سيأتينا زوَّار الليلة، أي هيِّئوا لهم المكان - وهذا القول هوالأكثر وضوحا، يصلحه الله في ليلة، أي يهيئه الله عز وجل للخلافة في أيام الفتن والملاحم الأخيرة التي ستكون بين يدي الساعة، يؤيده الله عز وجل بنصره وعونه إذ إن ظهور المهدي ليس أمرا كسبيا منه، أي لا ينبغي أن يقول أحد – إنني سأجتهد في العبادة والطاعة لأكون المهدي، فإن الله يظهره ويؤيده لأن ظهور المهدي ليس أمرا كسبيا كما أن النبوة ليست أمرا كسبيا وإنما لأن ظهور المهدي أمرٌ قدري في وقت يريده الله الرب العلي.
والأحاديث التي وردت بشأن المهدي t بلغت حد التواتر، والمتواتر عند جمهور العلماء يفيد العلم القطعي، أي العلم به واجب والإيمان به فرض عين على كل مسلم ومسلمة، وهذه الأحاديث الواردة في شأن المهدي عن النبي الصادق r نذكر منها: -
ما رواه أبوسعيد الخدري t قال: قال الحبيب المصطفى r: {يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطي المال صحاحا، وتكثر الماشية، وتعظم الأمة، يعيش سبعا أوثمانيا}[5].
وجاء عن عبد الله بن مسعود t قال: قال رسول الله r: {لا تذهبوا أولا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي بواطئ اسمه اسمي}[6].
وفي رواية: {لولم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجل من أهل بيتي بواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا} [7].
وقال أيضاً: {لتملأن الأرض جورا وظلما فإذا ملئت جورا وظلما يبعث الله رجلا مني اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي فيملؤها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما فلا تمنع السماء شيئا من قطرها ولا الأرض شيئا من نباتها يمكث فيكم سبعا أوثمانيا فإن أكثر فتسعا}[8].
وهناك تعليق لشيخنا المحدث العلاَّمة - محمد ناصر دين الألباني- بمناسبة ذكر هذا الحديث حيث قال رحمه الله: ما أظن أنَّ هذا أوان ظهوره – أي المهدي – فهذا مقتضى السنة الكونية، وما أحسب المهديَّ يقدر خلال سبع سنين على أن يحدث من التغيير في العالم أكثر مما أحدثه رسول الله r خلال ثلاثٍ وعشرين سنة، وظني أن المهدي سيكون رجلاًً فريدًا في كل باب: فريداً في علمه، فريداً في روعه، فريداً في عبادته، فريداً في خلقه، وأنه سيظهر وقد تهيَّأ للعالم الإسلامي وضع صَلُحَ فيه أمر الأمة، وتمت فيه مرحلتا " التصفية والتربية، ولم يبقَ إلا ظهور الزعيم المصلح الذي يقوده وهوالمهدي.
وقال رحمه الله تعالى عن المهدي: فهوفي الحقيقة من المجددين الذين يبعثهم الله في رأس كل مائة سنة – كما صح عنه r: يبعث الله على رأس كل مائة من يجدد لهذه الأمة أمر دينها – فكما أن ذلك لا يستلزم ترك السعي وراء طلب العلم، والعمل به، لتجديد الدين، فكذلك خروج المهدي لا يستلزم التواكل عليه، وترك الاستعداد والعمل لإقامة حكم الله في الأرض؛ بل والعكس هوالصواب، فإن المهدي لن يكون أعظم من نبينا r، الذي ظلَّ ثلاثة وعشرين عاماً، وهويعمل لتوطيد دعائم الإسلام، وإقامة دولته؛ فما عسى أن يفعل المهدي، لوخرج اليوم، فوجد المسلمين شيعاً وأحزاباً، وعلماءهم – إلا القليل منهم – اتخذهم الناس رؤوسا، لما استطاع أن يقيم دولة الإسلام؛ إلا بعد أن يوحد كلمتهم، ويجمعهم في صف واحد، وتحت راية واحدة، وهذا – بلا شك – يحتاج إلى زمن مديد، الله أعلم به. فالشرع والعقل معاً يقضيان: أن يقوم بهذا الواجب المخلصون من المسلمين، حتى إذا خرج المهدي، لم يكن بحاجة إلا أن يقودهم إلى النصر، وإن لم يخرج فقد قاموا بواجبهم، والله تعالي يقول:
) وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ([9]. انتهى كلامه رحمه الله.
ونستأنف ذكر الأحاديث:
وقال r أيضاً: {المهدي من عترتي من ولد فاطمة}[10].
وقال أيضاً: {يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده} [11]. وفي رواية: قال: {يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا، ولا يعده عدا} [12].
ومما مضى من الأحاديث يتبين أن الأحاديث الواردة في شأن المهدي متواترة تواترا معنويا كما ذكرت سلفا.