المبحث الأول
بيان أن اعتقاد الأئمة الأربعة واحد في مسائل أصول الدين
ما عدا مسألة الإيمان
اعتقاد الأئمة الأربعة - أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله - هو ما نطق به الكتاب والسُّنَّة وما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان وليس بين هؤلاء الأئمة ولله الحمد نزاع في أصول الدين بل هم متفقون على الإيمان بصفات الرب وأن القرآن كلام الله غير مخلوق، وأن الإيمان لا بد فيه من تصديق القلب واللسان، بل كانوا ينكرون على أهل الكلام من جهمية وغيرهم ممن تأثروا بالفلسفة اليونانية والمذاهب الكلامية ... يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
« ... ولكن من رحمة الله بعباده أن الأئمة الذين لهم في الأمة لسان صدق كالأئمة الأربعة وغيرهم ... كانوا ينكرون على أهل الكلام من الجهمية قولهم في القرآن والإيمان وصفات الرب، وكانوا متفقين على ما كان عليه السلف من أن الله يرى في الآخرة وأن القرآن كلام الله غير مخلوق، وأن الإيمان لا بد فيه منتصديق القلب واللسان ... » (1).
وقال: «إن الأئمة المشهورين كلهم يثبتون الصفات لله تعالى ويقولون: إن القرآن كلام الله ليس بمخلوق ويقولون: إن الله يرى في الآخرة، هذا مذهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان من أهل البيت وغيرهم وهذا مذهب الأئمة المتبوعين مثل مالك بن أنس والثوري والليث بن سعد، والأوزاعي، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد ... » (2).
وسُئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن اعتقاد الشافعي فأجاب بقوله:
«اعتقاد الشافعي - رضي الله عنه - واعتقاد سلف الأمة كمالك والثوري والأوزاعي وابن المبارك وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه هو اعتقاد المشايخ المقتدى بهم كالفضيل بن عياض وأبي سليمان الداراني وسهل بن عبد الله التستري وغيرهم، فإنه ليس بين هؤلاء الأئمة وأمثالهم نزاع في أصول الدين.
وكذلك أبو حنيفة - رحمه الله - فإن الاعتقاد الثابت عنه في التوحيد والقدر
_________
ونحو ذلك موافق لاعتقاد هؤلاء واعتقاد هؤلاء هو ما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان وهو ما نطق به الكتاب والسُّنَّة» (1).
وهذا ما اختاره العلاّمة صديق حسن خان حيث يقول:
«فمذهبنا مذهب السلف إثبات بلا تشبيه وتنزيه بلا تعطيل وهو مذهب أئمة الإسلام كمالك والشافعي والثوري وابن المبارك والإمام أحمد ... وغيرهم فإنه ليس بين هؤلاء الأئمة نزاع في أصول الدين وكذلك أبو حنيفة - رضي الله عنه - فإن الاعتقاد الثابت عنه موافق لاعتقاد هؤلاء وهو الذي نطق به الكتاب والسنة ... » (2).
وهاك طائفة من أقوال الأئمة الأربعة المتبوعين أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، فيما يعتقدونه في مسائل أصول الدين مع بيان موقفهم من علم الكلام.
_____